شهيدات لقمة العيش كتبت د / سلوي محمد علي
أوجعتني كلمات و صراخ و هذيان الأمهات و الآباء في مشهد مهيب عند خروج جثامين الأرواح البريئة إلي مثواها الاخير ، والتي ألتفت حولها ليس أبناء قرية طملاي بأشمون المنوفية بل ألتف حولها خريطة مصر الكبري من شرقها إلي غربها في إنتفاضة أسي لهواننا .
لقد أسقطنا الإهمال و تراخت قوانا و نحن بصدد جرم جديد لحظي لانعرف بشاعة ما ننتظره ، طالما يمضي الحادث دون الآخر دون مساءلة و لا محاسبة ولا فرض إلتزام بمعايير الأمان و السلامة ، هي منظومة متكاملة طالتها يد الإستخفاف و التقصير و الإهمال بالروح البشرية التي خلقت لكي تعمر الأرض بدلا من أن تنشر و تبتلع أشلائها و يسيح دمائها و يستنفر كل من فيها عن بكرة أبيها في إنتفاضة عارمة بأن فاض الكيل لها من سيل دماء الشرفاء عليها .
تسعة عشر حكاية وجع روتها أمهات ثكلي كانوا في إنتظار عودة بشاير زهورهم العفية بوجهم النضرة لم تستسلم وحاربت العوز و الإحتياج بالعمل و الكفاح لإستكمال مسيرة حلم بات كابوس .
كم الوجع و الأسي بل والخوف الذي ينتاب الجميع الأن علي فلذات أكبادهم مرعب ، فلا تستقيم الحياه مع التهديد بعدم الأمان ، أننا يا سادة في حرب لا تتوازن قواها ،عندما يموت الضمير يصبح كل شئ مباح ، فاليوم نتكلم علي ضمير أمة بأكملها .. لما لا يحاسب المخطئ الذي وضع إستراتيجية ومنظومة متكاملة لتحقيق عوامل للأمن والأمان و السلامة و لم يتابع تنفيذها .
كلنا مخطئون .. لأننا رضحنا بالإستسلام و قهر أحلامنا و ضياع نبتات مستقبلنا ، فيد الإهمال طالت كل شئ ، هل ستعيد الوريقات الملونة التي وعد بدفعها ، ضحكة و فرحة كل بيت خيم عليه السواد و الحزن ؟! أظن لا .. هنا الحالة مختلفة فليست حالة شهامة أو إيثار بل هي حالة قتل كاملة الأركان ، تجمعت كل عناصر القتل العمد بالإصرار علي تجاوز الحوادث دون رادع و تأخذنا دوامة الحياة ، و نستقبل الحادثة تلو الأخري بعصرة و بحسرة .
حاسبوا المقصرين و المهملين و المتسببين في وجعنا و فقدان أمننا ، إقبضوا قبضة حديدية علي مروجي وجالبي حبوب اللاوعي و التخدير ، أهتموا بوضع إرشادات و إشارات و صافرات إنذار حتي تستيقظ الضمائر ، إفرضوا التعليمات ولو بقوة القانون ، وأخيرا أنصتوا لشكاوي البسطاء التي تتحول بعد ذلك إلي صرخات و أنين ووجع يصل الي عنان السماء بعد أن يكون فات الأوان بأوان .
كاتبة المقال .. كاتبة رأي بالموقع و مدير عام بقطاع البترول و عضو الاتحاد العربي للعمل الإنساني و التنمية المستدامة التابع لجامعة الدول العربية و سفيرة المناخ.
تعليقات
إرسال تعليق