حين تُكافأ الوجوه المألوفة
في كل مرة يُعلن فيها عن تعيين جديد في رئاسة شركة أو هيئة من الهيئات التابعة للدولة يعلو همس خفي
وأحيانًا لا يكون خفيًا
يتساءل
لماذا تم اختيار فلان؟
هل هو الأكفأ؟
ام فقط الأوضح ظهورًا أمام الوزير أو المسؤول؟
وهل من يُظهر ( الخفة الاجتماعية ) والكلام المعسول أصبح هو الأجدر بتلك المناصب؟
الحقيقة أن منظومتنا للأسف أصبحت تحابي من يجيد فن الظهور لا من يُتقن جوهر العمل أصبح القرب من الكرسي موهبة يتعلمها البعض مبكرًا
فيتقن كيف يقف أمام الكاميرا
ومتى يبتسم في وجه من بيده القرار
وكيف يُظهر الحماسة المُفرطة والانضباط التمثيلي إذا ما جاء وزير لزيارة أو تفتيش.
أما من اختار أن يعمل بصمت وأن يلتزم بالمهنية والأخلاق دون أن يتقن لعبة التزويق فهو غالبًا ما يُترك في الظل أو كما يقال يُركن في القاع بعيدًا عن الضوء والمناصب.
لا اقول الكل بل هناك نماذج حقيقية نراها في حياتنا تستحق كل خير و كل منصب
و لكن المؤلم أكثر أن بعضًا ممن ينتقدون الوزير أو المسؤول على اختياراته ينسون أو يتناسون أن الوزير لا يعرف الأشخاص بأنفسهم،
بل يرى من هم أمامه .... ومن أمامه عادة هم من سعوا لأن يكونوا كذلك وقدموا أنفسهم بكل أدوات الجذب الممكنة.
فهل نلوم الوزير لأنه اختار من ظهروا؟
أم نلوم من تعمّدوا حجب الكفاءات الحقيقية عن الظهور؟
المشكلة أعمق من قرار وأخطر من تعيين
إنها منظومة تحتاج إلى إعادة نظر جذرية
منظومة تكافئ المظهر على حساب الجوهر
وتحتفي بمن يرفع الصوت لا بمن يحمل الأفكار.
إذا أردنا إصلاحًا حقيقيًا فلنبدأ من داخل المؤسسات نفسها من اختيار المديرين والمشرفين والقادة الوسطيين
من تمكين المخلصين حتى لو لم تكن لهم علاقات أو أصوات مرتفعة.
نعم، نحتاج إلى الشجاعة في قول الحقيقة
الفساد ليس فقط في المال بل في معايير الاختيار
في قناعتنا كأفراد بما يستحق أن يُكافأ وما يجب أن يُرفض
حين تُقصى الكفاءة و تُقدّم "الخفّة الاجتماعية " فنحن لا نظلم أفرادًا فقط بل نُجهز على مستقبل مؤسسة بأكملها
تعليقات
إرسال تعليق