ترشيد الكهرباء في مصر: مسؤولية وطنية لحماية الاقتصاد من تداعيات أزمة الطاقة العالمية
بقلم: المهندس /احمد البطل
في ظل تطورات إقليمية متسارعة تشهدها منطقة الشرق الأوسط، ومع تصاعد التوتر العسكري بين إسرائيل وإيران، دخل ملف الطاقة العالمي مرحلة جديدة من التأزّم.
وقد جاء إعلان الحكومة الإسرائيلية مؤخرًا عن توقف إنتاج الغاز الطبيعي بشكل مؤقت من حقل ليفياثان وكاريش بسبب التهديدات والهجمات العسكرية، وايضا ضرب إسرائيل لحقل الغاز الإيراني( بارس الجنوبي) والذي يُعد من اكبر حقول الغاز في العالم، ليزيد الضغط على أسواق الطاقة العالمية والإقليمية ويعيد إلى الواجهة ضرورة التحرك السريع لمواجهة هذا التحدي بمسؤولية وطنية شاملة.
#مصر في قلب المعادلة
تُعد مصر من الدول ذات البنية التحتية القوية في مجال الطاقة، وقد حققت إنجازات واضحة خلال السنوات الأخيرة في مجال اكتشافات الغاز الطبيعي وتوسيع شبكة الكهرباء.
إلا أن الواقع الحالي يفرض تحديات جديدة، لا سيّما مع ارتفاع الاستهلاك المحلي للغاز الطبيعي، الذي بلغ أكثر من 6 مليارات قدم مكعب يوميًا، يُستهلك معظمها في توليد الكهرباء.
ومع بداية فصل الصيف، تزداد الأحمال الكهربائية نتيجة الاعتماد المتزايد على أجهزة التكييف والمبردات، ما يعني أن استهلاك الغاز سيتضاعف في الشهور القادمة.
وفي ظل غياب الصادرات الغازية حاليًا، فإن الدولة مهددة بالاضطرار إلى الاستيراد بأسعار مرتفعة لسد العجز في الاستهلاك، وهو ما قد يفرض ضغوطًا إضافية على الموازنة العامة للدولة.
#الاستيراد… والدين العام
يجب أن نكون واضحين: أي فجوة في توازن الطاقة المحلي ستؤدي إلى استيراد الغاز الطبيعي من السوق العالمية، والتي تشهد حاليًا ارتفاعًا حادًا في الأسعار بسبب النزاعات الجيوسياسية.
ومع استمرار التزامات الدولة تجاه الدعم والخدمات الأساسية، فإن أي زيادة مفاجئة في فاتورة الطاقة قد تستدعي الاقتراض الخارجي لتغطية الفجوة، ما يعني مزيدًا من الأعباء على الدين العام، الذي تحرص الدولة على ضبطه بكل الوسائل.
#الترشيد: التزام وطني وليس خيارًا
في ضوء هذه المعطيات، يصبح ترشيد استهلاك الكهرباء واجبًا وطنيًا لا يقل أهمية عن أي واجب أمني أو سياسي.
فالطاقة ليست مجرد خدمة، بل هي مورد استراتيجي يُحدد قدرة الدولة على الحركة والاستقرار والمناورة في مواجهة الأزمات.
وعليه، فإن المسؤولية لا تقع على عاتق الحكومة وحدها، بل تبدأ من كل بيت وكل مواطن:
• الالتزام بإطفاء الأنوار غير الضرورية.
• تشغيل أجهزة التكييف على درجة حرارة معتدلة (24 درجة مئوية).
• فصل الأجهزة من مصدر الكهرباء عند عدم الاستخدام.
• الاعتماد على لمبات الإضاءة الموفرة (LED).
• التوعية داخل الأسرة، والمدارس، والمؤسسات، بأهمية الترشيد كسلوك يومي.
#بين التحدي والفرصة
الأزمة الحالية، رغم خطورتها، تُعد فرصة حقيقية لتغيير ثقافة الاستهلاك في المجتمع المصري، وترسيخ الوعي بأن كل كيلووات يتم توفيره اليوم، يُجنّب الدولة ملايين الجنيهات من الاستيراد والدين غدًا.
إن الحفاظ على موارد الطاقة هو أحد ركائز الأمن القومي المصري، والمرحلة الحالية تتطلب قدرًا عاليًا من المسؤولية والالتفاف الشعبي حول هدف واحد:
الحفاظ على استقرار مصر الاقتصادي في مواجهة عواصف الخارج.
ولنتذكر دائمًا:
“مصباح مطفأ اليوم، قد يكون سطرًا محذوفًا من فاتورة قرض غدًا.”
⸻
# وفي الخاتمة اود ان أوضح لسيادتكم
إن ما نشهده الآن ليس مجرد أزمة طاقة، بل اختبار لوعينا الجمعي كدولة وشعب.
ولعل أصدق ما يُقال في هذه اللحظة:
“الحفاظ على الطاقة… هو حفاظ على السيادة.
تعليقات
إرسال تعليق