U3F1ZWV6ZTEzNjM0ODAyMTA5OTkwX0ZyZWU4NjAyMDEyMTgzODkw
من يطالب بإقالة المهندس أسامة كامل… ماذا بعد؟
بقلم : المهندس سيد مصطفى
مقدم برنامج “كوادر بترولية”
من يطالب بإقالة المهندس أسامة كامل، رئيس شركة الحفر المصرية، عليه أن يسأل نفسه: وماذا بعد؟
هل ستتوقف الحوادث فور رحيله؟
هل ستدور عجلة العمل بلا أخطاء؟
ليس دائمًا تكون إقالة المسؤول الكبير هي الحل السحري للإصلاح أو لتصحيح مسار المؤسسات، خصوصًا في كيان ضخم مثل شركة الحفر المصرية، التي تمتلك تاريخًا طويلًا من النجاحات والانتكاسات على حد سواء.
فالحقيقة أن داخل الشركة ما يُعرف بـ “الدولة العميقة” من موظفين ومسؤولين ظلوا لسنوات يحتفظون بنفوذهم وصلاحياتهم، بل ويمتلكون شبكة واسعة من العلاقات تحمي مواقعهم حتى مع تغيّر رؤساء مجالس الإدارات.
هؤلاء — رغم محدودية كفاءتهم في كثير من الأحيان —يُجهضون أي محاولة إصلاح حقيقية، فيتمادون في الأخطاء ويعيدون إنتاج الفشل نفسه، بينما تُلقى المسؤولية على رأس الهرم الإداري وحده.
ولذلك، فالمطلوب اليوم ليس تغيير المهندس أسامة كامل، بل الوقوف بجانبه ودعمه لتطهير الشركة من العناصر التي تسببت في ترهل الأداء وتكرار الحوادث، وتغلغلت في مواقع القرار دون كفاءة حقيقية.
هؤلاء الذين فشلوا في مواقع داخلية وخارجية، وما زالوا يملكون من النفوذ ما يمنع حتى رئيس مجلس الإدارة من محاسبتهم أو نقلهم.
لقد فشل بعضهم في أهم ما يملكون: الحفاظ على العنصر البشري.
فما تعانيه الشركة اليوم من تسرب الخبرات الفنية، لم يكن بسبب ضعف الرواتب وحده كما يُشاع، بل بسبب فقدان الثقة بين العامل والإدارات، وضياع شعور الانتماء والأمان المهني والاجتماعي.
في الماضي، كانت الشركات تبني جسورًا من الولاء والتقدير المتبادل بين العامل ومؤسسته، أما اليوم فقد تلاشى هذا الإحساس، وأصبح العامل يبحث عن الأمان خارجها، حتى ولو براتب أقل.
والمؤسف أن قيادات الحفر والسلامة (HSE) لا تدرك حجم الخطر الذي يهدد الشركة من الداخل.
فلا توجد رؤية واضحة للحفاظ على الكفاءات، ولا آليات حقيقية لتأهيل كوادر شبابية تتحمل المسؤولية مستقبلًا.
نسمع كثيرًا عن “إعداد كوادر جديدة”، لكن الواقع يُثبت أن هذا الشعار لم يتحول إلى برنامج علمي أو خطة تطوير فعالة.
لقد آن الأوان لأن يكون هناك نظام رقابي صارم لمراجعة أداء القيادات الوسطى، ومحاسبة المتسببين في الحوادث المتكررة، التي أضرت بسمعة الشركات وهددت استقرارها.
وفي الوقت الذي تبذل فيه الدولة ووزارة البترول بقيادة المهندس كريم بدوي جهودًا كبيرة لدعم الشركات الوطنية ورفع اسم مصر في الأسواق العالمية
إن ما تحتاجه الشركة اليوم ليس مجرد قرارات شكلية أو تغيير أسماء، بل إعادة بناء الفكر الإداري من جذوره.
فالتطوير الحقيقي يبدأ من احترام الإنسان العامل، وتقدير خبراته، وتحفيز انتمائه، لأنهم — لا غيرهم — أساس الحاضر والمستقبل، وبدونهم لن تكون هناك لا عالمية ولا نجاح.
إرسال تعليق