القائمة الرئيسية

الصفحات

م. سيد مصطفى يكتب: رأس غارب.. مدينة ظلمها نوابها وسُلب حقها في التنمية



رأس غارب، المدينة التي كانت يومًا عاصمة النفط الأولى في مصر، ومصدر إنتاج البترول قبل أن تُكتشف حقول أخرى في البلاد.

مدينة نشأت عليها أولى شركات البترول المصرية، وفي مقدمتها الشركة العامة للبترول، أول شركة وطنية مصرية في هذا المجال.

ورغم هذا التاريخ العريق، فإن رأس غارب اليوم تقف متألمة أمام واقع مؤلم من التجاهل التنموي والتهميش الإداري.

ففي الوقت الذي تحوّلت فيه مدن الجوار — الغردقة وسفاجا والقصير — إلى مراكز سياحية وتعدينية مزدهرة، ظلت رأس غارب محرومة من نصيبها العادل من المشروعات والمصانع، رغم أنها كانت الأحق بها من الجميع.

من أبرز صور الظلم التاريخي ما حدث في مشروع معمل تكرير البترول، الذي أُقيم في محافظة أسيوط بدلًا من رأس غارب.

السؤال الذي لم يُجب عليه أحد حتى اليوم: كيف ولماذا؟

كيف يُنقل مشروع كهذا من مدينة هي منبع النفط وقلب الإنتاج، إلى محافظة تبعد مئات الكيلومترات، بما يحمّل الدولة تكاليف باهظة في نقل الخام عبر خطوط طويلة مليئة بالمشكلات، من صيانة وتسريب وسرقة خام؟

ثم يعود المنتج نفسه بعد التكرير إلى محافظات الصعيد القريبة من رأس غارب أصلًا عبر طريق الشيخ فضل أو الزعفرانة — ساعتان فقط بين غارب والمنيا أو بني سويف!

لو أُقيم معمل التكرير في رأس غارب كما كان منطقيًا، لوفّر ذلك ملايين الجنيهات سنويًا، ولأصبحت المدينة مركزًا صناعيًا واقتصاديًا عملاقًا يخدم الصعيد والبحر الأحمر معًا.

لكن الذي حدث كان نتيجة عقود من الإهمال والتقصير من نواب البرلمان والشورى السابقين، الذين انشغل بعضهم بالمناصب والكرسي أكثر من انشغالهم بحقوق دوائرهم.

كان بينهم من لا يملك الجرأة أو القدرة على أن يدافع عن مدينته، أو حتى أن يرفع صوته في قاعة المجلس لمواجهة قرار جائر.وذلك لكونهم كانوا منهم جاهلون وأميين وأصحاب مصالح شخصية 

رحم الله النائب المحترم ممتاز نصار، الذي كان مثالًا للشجاعة والمواقف الوطنية، ورحم الله من رحل من نوابنا، وهدا الله من هو قائم اليوم أو قادم غدًا — ليعيد النظر بعين العدل إلى مدينة ظلمها الجميع.

إننا نناشد السيد الوزير كريم بدوي وقيادات الحوكمة الإدارية الجديدة، أن ينظروا بجدية إلى إمكانيات رأس غارب الجغرافية والاقتصادية والبترولية، وأن يصححوا ما أفسدته الإدارات السابقة، لتعود المدينة إلى مكانتها المستحقة كأحد أعمدة الاقتصاد الوطني.

تعليقات

أسس شركتك في الإمارات.. إقامة مجانية مع رخصة تجارية في الإمارات.. تعرف على التفاصيل وابدأ مشروعك