U3F1ZWV6ZTEzNjM0ODAyMTA5OTkwX0ZyZWU4NjAyMDEyMTgzODkw
سر بقائك بعد الحماس.. كتبت د / دعاء الهلاوى
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “لا يقعد أحدكم عن طلب الرزق ويقول اللهم ارزقني، وقد علم أن السماء لا تمطر ذهبًا ولا فضة”. هذه الحكمة تختصر جوهر أي مشروع: الفكرة وحدها لا تكفي، والسوق وحده لا يكفي، ما لم تمتلك آلية واضحة لكيفية تحقيق الإيراد.
حيث تشير تقارير البنك الدولي أن 70% من المشروعات الصغيرة في منطقتنا تفشل خلال أول 3 سنوات بسبب غياب نموذج عمل واضح، حتى وإن كانت فكرتها جيدة وسوقها واعدًا. اذا ما هو نموذج العمل؟
ببساطة هو الخطة التي توضّح كيف ستقدّم قيمة حقيقية للعميل، وكيف ستحصل مقابلها على عائد مالي يضمن استمرارك. الفكرة قد تجذب الانتباه، لكن نموذج العمل هو الذي يحوّل الانتباه إلى دخل مستمر لذلك قبل أن تسأل “كيف أبدأ؟” اسأل “كيف سأربح وأستمر؟
فالفرق بين الفكرة والمنتج والنموذج فالفكرة هي الشرارة الأولى، والمنتج أو الخدمة هو ما يقدمه مشروعك للناس، أما النموذج فهو الطريقة التي تضمن لك الاستمرارية والعائد. على سبيل المثال: قد تبتكر وصفة جديدة لقهوة مميزة (فكرة)، وتبدأ في تقديمها داخل مقهى صغير (منتج)،
لكن السؤال الأهم هو: كيف ستستمر؟ هل ستعتمد فقط على مبيعات الزبائن العابرين؟ أم تصمم بطاقات اشتراك أسبوعية أو شهرية لعملاء ثابتين؟ أم توفر خدمة طلبات خارجية برسوم إضافية؟
هذه الخيارات ليست عن المنتج نفسه بل عن الكيفية التي تحقق بها دخلاً مستمرًا، وهذا هو جوهر النموذج. فى الحقيقة أشكال نماذج العمل تتنوع فى الطرق التي يمكن أن يعتمد عليها أي مشروع لتحقيق دخل و من أكثرها شيوعًا البيع المباشر (منتجات أو خدمات يدفع العميل ثمنها مرة واحدة) أو الاشتراكات (رسوم شهرية أو سنوية مقابل استمرار الخدمة)، العمولة (الحصول على نسبة من عمليات البيع أو الوساطة)، نموذج الخدمة المجانية مع مزايا إضافية مدفوعة (والإعلانات (تقديم محتوى مجاني مقابل عائد من المعلنين).
هذه الأمثلة ستساعدك أن تسأل نفسك أي من هذه الطرق يناسب مشروعي وجمهورى ولخطوات عملية لبناء نموذج عملك فعليك تحديد مصدر الإيراد الأساسي بوضوح وكتابة قائمة بتكاليفك من إيجار، خامات، مرتبات، تسويق لحساب نقطة التعادل بين مصروفاتك وايرداتك ومتى تستطيع ان تحقق ربح وكم تحتاج لتغطية مصاريفك الشهرية؟ اسأل نفسك كم تحتاج من المبيعات أو الاشتراكات شهريًا لتغطية جميع التكاليف الثابتة والمتغيرة؟ عليك بوضع هذا الرقم هدفًا مبدئيًا، وابدأ بتجربة النموذج على نطاق صغير قبل التفكير في أي توسع.
فعلى سبيل المثال مطعمًا صغيرًا يعتمد في البداية على مبيعات الطاولات فقط، لكنه يكتشف أن الاعتماد على هذا المصدر لا يكفي للاستمرار. فيبدأ بإضافة خدمة توصيل برسوم بسيطة، ثم يبرم عقدًا ثابتًا مع شركة لتوريد وجبات يومية للموظفين اذن سعيك الدائم لتنويع مصادر الدخل يخلق للمشروع استقرارًا أكبر ويزيد فرص بقائه في السوق.
فالتجربة أثبتت أن المشاريع التي تعيش أطول هي تلك التي تتعامل مع نموذج الربح وكأنه كائن حي يحتاج متابعة وتطوير.
فمن يبدأ بمصدر دخل واحد ثم يختبر إضافة مصادر جديدة، ومن يحسب تكاليفه بدقة ويترك مساحة للمفاجآت، ومن يتعلم من أرقام مشروعه لا من حماسه فقط، هو فقط الأقدر على البقاء.
والسر ليس في أن تملك نموذجًا مثاليًا منذ اليوم الأول، بل في أن تملك الشجاعة لتجرّب وتقيس وتغيّر عند الحاجة.
هكذا فقط تتحول فكرتك من مجرد حلم إلى مشروع قادر على الاستمرار.
إرسال تعليق